التخطي إلى المحتوى

واحدة من أعظم العبادات عند الله تعالى الصبر عند الابتلاء في أول المصيبة، والله تعالى يُجزي على هذا الصبر الأجر العظيم كما يُعوض الله تعالى الإنسان على هذا الصبر عظيم العوض على قدر الصبر لذا فقال الله تعالى بكتابه العزيز ” إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”، ولقد أشار الله تبارك وتعالى إلى أنّ اليسر دائماً يأتي مع العسر، وأنّ الابتلاء مهما طال فلابد من الليل أن يتكشف، ويظهر النور بعد الظلمة، ويأتي البلاء على المؤمن ليُطهره من الكبر وليُقربه إلى الله تعالى بالتوبة، ولرفع حسناته وللحط عن سيئاته، والابتلاء هو أحد علامات محبة الله تعالى للإنسان، وهنا سوف نتناول بتلك المقالة قصة ثلاثة من الذين ابتلاهم الله تعالى وسوف نرى جزاء صنعم على إثر هذا الابتلاء وهي قصة الأبرص والأقرع والأعمى .

قصة الأبرص والأقرع والأعمى

تلك القصة تتناول الحديث عن ثلاثة من الأفراد الذين ينتمون لبني إسرائيل، ولقد أصيب كل فرد منهم بنوع من الابتلاء يختلف عن الابتلاء للفرد الآخر، وكان ابتلاءهم في صحتهم وأجسادهم، وأراد الله تبارك وتعالى اختبار صبرهم بهذا الابتلاء، ليُعلم من يشكر ومن يكفر وهو الخبير العليم البصير العالم بأحوال النفوس، فأرسل الله تعالى للأبرص ملكاً يسأله عن أمنيته فأجابه أن يُذهب الله تعالى عنه هذا الداء ويُعافى من مرضه، وأن يعطيه الله تعالى اللون والجلد الحسن فاستجاب الله تبارك وتعالى لهذا الرجل، وسأله عن المال الذي يُحب فأجاب بالإبل، وهنا رزقه الله تعالى الكثير من الإبل العشارى، ودعا الله تعالى بالبركة في الرزق فأجابه، ثمّ ذهب الملك إلى الأقرع وسأله عن أمنيته، وهنا كان جوابه شفاءه من مرضه وأن يُعطى الشعر الحسن، وكان أفضل المال له البقر فرزقه الله تعالى الأبقار العشارى، ودعا له بالرزق الوفير فبارك له في المال، ومن ثمّ كان الأعمى وكان جوابه أن يعافيه الله من العمى، ليبصر وكان أحب المال إليه الغنم الوفير، ورزقه اله تعالى فيهم البركة والوفرة.

وبعد أن مرت السنوات بارك الله تعالى للثلاثة أفراد في أموالهم، وصار لكل فرد منهم وادي بنوع المال الذي أحبه، واختاره قبل هذا ليكون هو ماله، وهنا أتى يوم البلاء فأرسل الله تعالى الملك إلى الأبرص بصورته التي كان عليها من قبل سائلاً له العطاء، وعندئذ أنكر الفرد الأول على الملك، وادعى أن المال ماله والله تعالى أعطاه، وأورثه المال كابر عن كابر، وهنا دعا الملك على الأبرص إن كان كاذباً أن يُعيده الله تبارك وتعالى إلى ما كان عليه من قبل، واستجاب الله تعالى له.

ثمّ أتى الملك للفرد الثاني الذي كان أقرعاً بنفس الصورة التي كان عليها من قبل، وذكره بما كان عليه ووجوب شكر نعمة الله تعالى، والبذل بالعطاء عليه، غير أنّ ما كان منه سوى الكبر والرفض، وادعاء الكذب مثل الفرد الأول فما كان من الملك إلى أن دعا عليه، فأذهب الله تعالى البركة منه، وصار أقرعاً من جديد بعد الخير الوفير.

أما عن الرجل الثالث فكان مؤمناً ورعاً تقياً لما أتاه الملك، وهو في صورته التي كان عليها من قبل تذكر نعم الله تعالى عليه، وأنه كان أعمى مثله فبرأه الله تعالى من العمى بفضله، ومنته وكرمه وأمر له بوافر العطاء، وهنا أخبر الملك الأعمى بأنه كان اختباراً من الله تعالى لهم الثلاثة، ولم ينجح فيه سواه، فسبحان الله القادر على كلّ شيء.

حديث الأبرص والأقرع والأعمى

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الْأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ، وَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْإِبِلُ – أَوْ قَالَ: الْبَقَرُ، شَكَّ إِسْحَاقُ – إِلَّا أَنَّ الْأَبْرَصَ، أَوِ الْأَقْرَعَ، قَالَ أَحَدُهُمَا: الْإِبِلُ، وَقَالَ الْآخَرُ: الْبَقَرُ- قَالَ: فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ[1]، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، قَالَ: فَأَتَى الْأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذَرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا، قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، قَالَ: فَأَتَى الْأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا. فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا. قَالَ: فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ[2] فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ، وَالْمَالَ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي، فَقَالَ: الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ[3] النَّاسُ؟ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ[4]، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، قَالَ: وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. قَالَ: وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ، انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ[5] الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، إِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ وَسُخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ»[6].

ولفظ مسلم: «فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ» وهو رواية عند البخاري[7].

روابط ذات صلة::
قصة جريج العابد ودعوة أمه من صحيح القصص النبوي
قصة طالوت وجالوت مكتوبة من قصص القرآن الكريم

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Don`t copy text!